فاتح ماي بفاس..حضور باهت للعمال ونقابات “تكتري” مناضلين لإظهار القوة

على غرار السنوات الماضية، يشهد الحضور العمالي بمدينة فاس خلال احتفالات فاتح ماي تراجعًا ملحوظًا، في ما يبدو أنها نتيجة حتمية لترهّل الجسم النقابي بالعاصمة العلمية. فقد تحوّلت هذه المناسبة الأممية، التي يفترض أن تكون محطة نضالية واستعراضية لقوة الطبقة العاملة، إلى يوم رتيب تُلقى فيه خطابات تقليدية من قِبل زعماء النقابات، لا تقنع حتى منتسبيهم.
وأثناء جولتها عبر منصات مختلف النقابات بشوارع فاس، لتغطية هذا اليوم العمالي عاينت “خبايا نيوز” الحضور الباهت لأعضاء النقابات، الذين فضّل كثير منهم استغلال عطلة فاتح ماي لقضاء مآرب شخصية أو لقاء الأصدقاء والعائلة، بدل الحضور لتأثيث مشهد بات مكرّرا بخطابات تعاد سنويًا.
وتجلّت مظاهر التراجع في مشاهد رمزية؛ إذ وقف زعماء نقابات كانت تُوصف إلى وقت قريب بالعتيدة يخاطبون مقاعد شبه فارغة، في حين لجأت بعض التنظيمات النقابية، في محاولة لتسويق صورة القوة والشعبية، إلى استقدام رجال ونساء من خارج صفوفها بمقابل مادي لتضخيم الحضور.
وفي مشهد رمزي آخر، التقت “خبايا نيوز” عاملاً يرتدي قبعة إحدى النقابات وهو جالس في مقهى قريب من القاع التي نصبت فيها منصة الاحتفال، ولدى سؤاله عن سبب غيابه عن المشاركة، أجاب: “ما يجري هناك مجرد فلكلور استعراضي، لا يحمل أي بُعد نقابي أو نضالي”، معبرًا عن أسفه لما آلت إليه أوضاع نقابته.
من جانبه، أشار قيادي في نقابة التعليم – التوجه الديمقراطي، إلى أن فاس كانت تاريخيًا قلعة للعمل النقابي، إلا أن منسوب الثقة بين النقابات والطبقة العاملة تراجع بشكل كبير. وأرجع ذلك إلى أسباب متعددة، من أبرزها الريع النقابي، وغياب التجديد على مستوى القيادات، والتناقض بين الخطاب والممارسة الميدانية.
وأكّد المسؤول النقابي أن مظاهر الاحتفال بفاتح ماي لم تعد كما كانت خلال سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، معتبرًا أن هذا التراجع المستمر يعكس أيضًا تراجع أدوار الأحزاب السياسية بالمغرب وجميع مؤسسات الوساطة.
وأضاف المتحدث ذاته، مفسرا أسباب هذا العزوف، أن عجز النقابات عن مجابهة الهجوم الكاسح على حقوق الشغيلة، وفشلها في رفع التحديات والتصدي للمخاطر التي تهدد مكتسبات الشغيلة، دفع هذه الأخيرة إلى اتخاذ قرار الانسحاب كنوع من الاحتجاج والعقاب لهذه الهيئات.