عبد النبوي يؤكد أن التهديد والتشهير ليس من شيم مهنة المحاماة
خبايا نيوز
صرح محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بأن المملكة المغربية، قد قطعت أشواطاً مهمة في ورش إصلاح القضاء وتأهيله، بفضل الإرادة الملكية وانخراط القوى الحية ببلادنا، وبأن استكمال هذا الورش مازال يتطلب قطع أشواط أخرى بالنسبة لكافة مكونات العدالة، في مجالات متعددة ولاسيما التنظيم والتقنين والهيكلة والحكامة، وكذلك في مجالات التكوين والتخليق وربط المسؤولية بالمحاسبة، والرقمنة والتخصص .
كما أكد محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال أشغال المؤتمر 31 لجمعية هيئات المحامين بالمغرب، بأن محور منظومة العدالة هو القضاء، الذي يجب أن يكون مستقلا ومحايداً ونزيهاً وعادلاً لكي يكسب ثقة المتقاضين، وهو لن يكون كذلك بدون انخراط مهن العدالة في هذا البناء المتماسك الذي لا يحتمل سقفه الشروخ ولا أساسه الفراغات.
وأضاف ذات المتحدث، بأنه على رأس مهن العدالة المعنية بالانخراط في مسلسل إصلاح منظومة العدالة الذي يقوده الملك، مهنةُ المحاماة، التي قال عنها جلالته في رسالته السامية للمؤتمر 49 للاتحاد الدولي للمحامين الذي انعقد بفاس في 31 غشت 2005 أنها “تواجه ضرورة توحيد القيم السلوكية المثلى، واعتماد التكوين المستمر، والاستجابة لمتطلبات مواكبة العالم الرقمي والتوفيق بين وجوب احترام الحريات وصيانة النظام العام، في ظل سيادة القانون، وسُلطة القضاء”.
وأسهب الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بأن احترام القضاء يعد فرضا واجبا على كافة الأشخاص، وأن المهنيين بأسرة العدالة، هم أول المعنيين به، وهم من بين المسؤولين عن نشر هيبته والحفاظ على سلطته، فالقضاء، ليس أشخاصاً، وإن كان القضاةُ هم الذين يمثلونه، ولكنه رمز لسلطة الدولة العليا، ولا اختلاف في هذا الحكم، فالدين والأخلاق والدستور، كلها متفقة على ذلك، ولأجله فإن الأحكام في بلدنا تصدر باسم جلالة الملك، الذي يجسد السلطة العليا في المملكة، ولهذا فإن من يحترم مجالس القضاء ومقررات القضاء، لا يحترم رجالاً ونساءً هم القضاة .. ولكنه يحترم رمزَ العدالة الأسمى، وصولجان السلطة الأعلى، ويكرس هبة القضاء الذي وُضِع ليَحكم بين الأطراف ليطاعُ حكمه.
وأضاف النباوي إلى أن الملك محمد السادس، قد ركز في رسالته إلى المحامين المشار إليها أعلاه، إلى “وجوب احترام الحريات وصيانة النظام العام”، فإن جلالته قد ربط ذلك بسيادة القانون وسلطة القضاء، ومَنْ أولى باحترام الحريات مِنَ المحامي الذي يدافع عن الحرية ويرافع عنها بصوته وقلمه، ويناضل من أجلها بسلاح القانون والدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ولذلك يدافع المحامون عن احترام الحرية الجسدية وحرية التنقل وحرية الرأي والتعبير والحق في الاختلاف وحرية العمل والحق في الإضراب وغيرها من الحقوق والحريات، ولاشك أن هذا المؤتمر سيستحضر ضمان مختلف الحريات والحقوق بين صفوف المحامين ويدافع عنها، ما دام قد اختار من بين أركان شعاره كون “المحاماة نضال وطني”، كما سيتطرق إلى ضرورة حماية أهم مقوم للنظام العام وهو الأمن، من خلال شعاره أن “المحاماة أمن مهني ملح”، ولا شك أن المحاماة تحتاج لتثبيت الأمن لها كمهنة لينعم به المنتسبون إليها، ويرفل تحت ضِلاله المتقاضون الذين يمنحون ثقتهم للمحامين للدفاع عن مصالحهم، مؤملين الحصول على حقوقهم في أجل معقول، وهو ما سيجعل مؤتمركم منبراً لتبادل الآراء والتعبير بصراحة، واحترام كل المواقف.
وأشار عبد النبوي، إلى أن أعضاء هيئة الدفاع، بالواجبات المفروضة عليهم بمقتضى قانون المهنة، التي “تساعد القضاء، وتساهم في تحقيق العدالة، وتُعْتَبَرُ جزء من أسرة القضاء” (المادة الأولى). وكذلك بالتقيد بمبادئ الشرف والنزاهة والكرامة والأخلاق الحميدة وتقاليد المهنة (المادة 3). كما أذكرهم بأن ممارسة المهنة تتم وفقا لقانون المهنة وبالمساطر المقررة في القانون (المادة 2)، وأنهم ملزمون بتقديم المساعدة للقضاء سواء بالنسبة للجلسات أو الإجراءات (المادة 39). وأطلب منهم تفهم أهمية دورهم في أداء القضاء لواجباته بحكم احتكارهم لمهنة الدفاع وتواجدهم الإجباري في أغلب المساطر. مما يجعل مساهمتهم في تلك المساطر ركناً أساسياً لفعالية ونجاعة العدالة. فضلا عن أهميته بالنسبة لحقوق موكليهم ومؤازريهم.
وناشد عبد النباوي رئيس جمعية هيئات المحامين وأعضائها، والسادة نقباء الهيئات ومجالسها، وكافة المحاميات والمحامين، بتغليب المصلحة العامة، ومراعاة حقوق ومصالح موكليهم، ومعالجة الأزمة الحالية بالتعقل والحكمة والالتزام بأحكام القانون المتعلقة باستمرار الخدمات والمساهمة في الجلسات والإجراءات القضائية. مؤكدا أنهم سيجدون وسائل أخرى قانونية وشرعية للدفاع عن مصالح المنتسبين للمهنة دون الإضرار بمصالح الأطراف الذين يمثلونهم، أو الإضرار بسير نظام العدالة.
وفي ذات السياق أكد محمد عبد النباوي بأن مهنة الأخلاق والأعراف والتقاليد الراسخة، تعد مهنة المبادئ والقيم الفُضلىـ قائلا: “فمِن أعرافكم احترام النقباء .. ومن أعرافكم احترام القيدومين وتقديمهم بالأولوية في كل الأحوال. كما أنه من تقاليدكم الاستماع إلى حكمائكم إذا تكلموا وتقدير شيوخكم إذا أبدوا الرأي. ومن تقاليدكم كذلك الشجاعة في التعبير عن الرأي باحترام وأدب ولطف .. وأيضاً، الاستماع إلى الرأي المخالف بتوقير وتقدير. ومقارعة الحجة بالحجة، والابتعاد عن أساليب التهديد والتشهير، لأن مهنتكم مهنة الأخلاق والحريات .. وهذه القيم والأعراف والتقاليد وغيرها مما يرصع جبين مهنة الدفاع، هي ما يجعلها مهنة متفردة حظيت بإعجاب المفكرين ورجال الدولة العظام، ونالت أوصاف النبل والشرف والرفعة والمجد. هذه الأعراف والتقاليد، هي جسوركم لعبور المطبات الصعبة ولبلوغ المراتب العليا .. وهي قوتكم التي تشعركم بتماسك بنيان المهنة وصموده. فأرجوكم حافظوا عليها ولو في أزمنة الشدائد والمحن. كهذه التي تعيشها الساحة القضائية اليوم”.