على طاولة المظاهر تبخس العادات
أسية اسحارت
تخللت الكثير من العادات والشعائر الدينية مؤخرا في مجتمعنا المغربي مظاهر التكلفة والتبذير، وشكلا جديدا معاصرا للضيافة، إذ لا يجب أن يخلو من أطباق منمقة ومأكولات تجمع بين الأصالة وألوان عصرية.
مظاهر وجدت لنفسها أرضية خصبة، في مجتمع أصبح يحاور مجتمعات عالمية، متلهفا لوصفات تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، لتبتعد النفوس عن جوهر المفاهيم في تخليد الشعائر ومشاركة الآخرين أجر المعايدة والتركيز على القيمة المعنوية والدينية لصلة الرحم.
صارت المناسبات عبئا يثقل كاهل الأسر، وعوض كونها تتسم بالألفة وربط جسر العلاقات مع الأصدقاء والأهل، الا أنها باتت تحمّل الأفراد أكثر من طاقتهم، في سبيل نيل ثناء الزائرين والتباهي بعصرنة ولباقة المضيف.
إذا ما تمعنا جيدا في هذه المظاهر، كان الإشعار بالقدوم أولها، إذ أضحت الزيارات وصلة الرحم بالمناسبات تميل إلى طابع الرسمية ومبدأ “لقاء عمل”، وبالتالي مبدأ الزيارة المباغتة لم يعد مقبولا. بعد الإشعار من قبل الأهل والأصدقاء تسارع الأيدي في تجهيز “الصالون” والمائدة وذلك حسب قيمة الزائر ومكانته.
المكانة الاجتماعية تلعب أيضا دورا في هذه الزيارات ، لا مجال للتعميم، لكن يجب أن نودع البساطة في الحضور، هنا نذكر علاقات الأمس التي قدست صلة الرحم بكل ما تحمله من بركة وقيمة، عكس اليوم غلفتها المصالح والسلم الاجتماعي.
نافذة العالم فتحت على مصراعيها، وأخذ الكثيرون من الثقافة العالمية الشموع والأطباق النحاسية، في الوقت الذي تكابد الهوية ضربات “الفلتر” مقاِومة الإقصاء، وعوض التمسك بصبغة الأمس وتحسين هيكلها تم تجريدها من قيمتها المعنوية وتبديلها بسلم قابل للكسر بعد فترة من الزمن وظهور تطبيق هزلي جديد.
وبالتالي انتصار الشكليات والمظاهر على العادات القديمة، تلك التي كانت تقدس الزيارات بعفويتها دون الحاجة إلى جعلها كواجب اجتماعي، ودين لابد من تسديده حتى لا تكون من المغضوب عليهم على طاولة المنصات الاجتماعية.