افتتاحية خبايا نيوز

فاس: بوادر نهضة جديدة تعيد للمدينة مجدها التاريخي

لطالما كانت مدينة فاس، بعمقها التاريخي وثقلها الحضاري، تستحق مكانة متميزة بين مدن المغرب. ومع ذلك، مرت بفترات من الركود والإهمال التي أفرزت حالة من الفوضى والعشوائية أثرت سلباً على جمالية المدينة وجودة حياة سكانها. لكن فاس، كطائر الفينيق، لا تسقط إلا لتنهض من جديد. وقد بدأت هذه النهضة مع إعلان الديوان الملكي، مطلع العام الماضي، خبر تنظيم المغرب لكأس العالم 2030، واختيار مدينة فاس ضمن المدن التي ستحتضن هذا الحدث العالمي. تحول ذلك الإعلان إلى نقطة انطلاق لورش كبير مفتوح هدفه الأساسي تقوية البنية التحتية وتأهيل المدينة على جميع المستويات لتكون في أبهى حلتها لاستقبال زوار المغرب.

 

فاس جديرة بأن تكون في طليعة المدن المنتجة للثروة في المغرب، ويبدو الآن أن هناك توجهاً وطنياً يعيد للمدينة مكانتها التاريخية ويبعث فيها روحاً جديدة. تتزامن هذه الجهود مع عودة معاذ الجامعي، أحد أبناء المدينة البررة. فمنذ تعيينه، لمس سكان فاس تغيراً ملموساً في سرعة وتيرة إدارة الأمور، مما أشاع نوعاً من الأمل لدى الفاسيين بأن مدينتهم تسير نحو مستقبل أكثر إشراقاً.

 

وكيف لا يرتفع منسوب الأمل، وسكان المدينة يشهدون تحول شوارعها وأزقتها إلى ورش عمل دؤوب؟ مشاهد الإهمال والعشوائية باتت شيئاً من الماضي، وحلت محلها مشاريع الصيانة والتجديد العمراني، فضلاً عن تعزيز البنية التحتية والطرقية في جميع المقاطعات الست، بعد سنوات من الركود واللامبالاة.

 

والمتابع للشأن المحلي لا يمكنه إلا أن يتفاءل، لا سيما في ظل الزيارات المتكررة التي شهدتها المدينة خلال الأشهر الأخيرة من طرف أكثر من أربعة وزراء، جاءوا إما لافتتاح مشاريع جديدة أو للإعلان عن برامج مستقبلية. كما احتضنت المدينة فعاليات متعلقة بالتشغيل، وأطلقت السلطات المحلية حملة شاملة لتحرير الملك العمومي، شملت الجميع دون استثناء. أعادت هذه الحملة النظام إلى شوارع فاس، واضعة حداً لعقود من الفوضى التي شوهت صورة المدينة. كانت الحملة بمثابة رسالة واضحة بأن القانون يسري على الجميع، وأن المدينة تسير بخطى واثقة نحو التنظيم والتقدم، مع احترام الحقوق والمسؤوليات.

 

ومع كل هذه الإنجازات، لا يمكن إنكار وجود بعض التحديات التي ما زالت قائمة، وتتطلب تدخلاً حازماً من المسؤولين الترابيين والمنتخبين، وعلى رأسها تحسين قطاعي النقل الحضري والنظافة، اللذين لا يزالان يشكلان نقطة ضعف تؤثر سلباً على صورة المدينة، رغم الجهود المبذولة لاستعادة إشراقتها كمدينة للعلم والعلماء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى