نادي القضاة يستنكر الاستماع لرئيسه بسبب مشاركته في ندوة
اجتمع المكتب التنفيذي لـ”نادي قضاة المغرب”، اليوم السبت لمناقشة نقطة فريدة تتعلق باستدعاء رئيس “نادي قضاة المغرب” للحضور إلى المفتشية العامة للشؤون القضائية تنفيذا لأمر صادر عن الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بسبب مشاركته في ندوة علمية نظمتها منظمة المحامين التجمعيين-فرع الرباط سلا القنيطرة، حول موضوع: “قراءة متقاطعة في مشروع قانون المسطرة المدنية”، قدم فيها مداخلة بعنوان: “المادة 97 من مشروع قانون المسطرة المدنية وسؤال استقلال القضاء.
وقال نادي قضاة المغرب، ضمن بلاغ له، إن مشاركة الرئيس، عبد الرزاق الجباري، في الندوة العلمية المذكورة، كانت بصفته الجمعوية، وليست بصفته القضائية، موردا أن الدعوة التي تلقاها من أجل المشاركة كانت بتلك الصفة، وأنه قدم تصورات الجمعية حول مشروع قانون المسطرة المدنية في علاقته باستقلال القضاء، معربا في نفس الوقت عن قلقه من خطوة الاستدعاء
وأضاف البلاغ أن مشاركة الجباري في هذه الندوة تبقى عملا جمعويا خاضعا، بصفة حصرية، لأحكام ظهير 1958 المتعلق بتأسيس الجمعيات، طالما أن الرئاسة جهاز مستقل من الأجهزة المسيرة للجمعية، طبقا لمقتضيات المادة 17 من قانونها الأساسي.
وكشفت ذات الهيئة في بلاغها أن الجهة المنظمة للندوة المذكورة هي جمعية تضم مجموعة من المحامين المنتمين إلى حزب معين، وأن المحامين، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، فإنهم جزء من أسرة القضاء تطبيقا للمادة 1 من قانون مهنة المحاماة، مشددا أن موضوع هذه الندوة كان علميا مهنيا بحتا، حضر أشغالها وشارك فيها نقباء ومحامون منتمون إلى أطياف سياسية مختلفة، كما حضرها محامون غير منتمين، ومعهم أساتذة جامعيون، إلى جانب بعض القضاة.
وأوضح نادي قضاة المغرب أن للقضاة وجمعياتهم المهنية الحق في المشاركة في النقاشات العامة المتعلقة بالتشريعات ووسائل العدالة والسياسات التي لها علاقة بالقضاء والعدالة عموما بغض النظر عن الجهات المنظمة، وفق ما أوصى به تقرير المقرر الخاص التابع للأمم المتحدة المعني باستقلال القضاة والمحامين، الصادر بتاريخ 12 يوليوز 2019 تحت عدد A/HRC/41/48، وقررته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قرار حديث لها، صدر بتاريخ 06 يونيو 2023، في الملف 19-63029، المتعلق بالقاضية Ayse Sarisu Pehlivan.
وأكد البلاغ أن حق القضاة في التعبير وفي ممارسة العمل الجمعوي مكفول بموجب الدستور والقانون والمواثيق والإعلانات والتوصيات الدولية ذات الصلة، وأنه لم يرد عليهما من القيود خارج القيام بالمهام القضائية سوى عدم اتخاذ موقف سياسي صريح بالخوض في الشؤون السياسية أو ممارسة نشاط سياسي، مضيفا أن الندوة المذكورة كانت لها طبيعة علمية محضة، لم تصطبغ بأي شكل من أشكال النشاط السياسي وفق تعريفه المنصوص عليه في الفصل 15 من قانون تأسيس الجمعيات.
كما أكد البلاغ ذاته أن الدستور والقانون ومدونة الأخلاقيات القضائية لا تمنع مشاركة القضاة وجمعياتهم المهنية في الندوات العلمية المنظمة من قبل أطياف المجتمع السياسي والمدني والنقابي والمهني ببلادنا، وأن هذا الأمر يجري به العمل منذ إقرار دستور 2011 إلى الآن، وذلك للاستفادة من خبراتهم في مجال العدالة وتطبيق القانون خدمة للمجتمع ومصالحه العليا، مسجلا مشاركة المجلس الأعلى للسلطة القضائية في ندوة نُظِّمت حول “إصلاح العدالة بالمغرب”، بتاريخ 25 يناير 2023، من طرف مجموعة نيابية تمثل حزبا سياسيا.
وأعلن نادي قضاة المغرب عن تضامنه المطلق واللا مشروط مع الرئيس عبد الرزاق الجباري، المعروف، في إطار تمثيله للجمعية، بدفاعه عن استقلال القضاء وحقوق القضاة، وبدعمه لقيم الوطنية واحترام القانون والحياد والتجرد والشفافية والنزاهة المهنية والفكرية، معتبرا استدعاءه بسبب نشاطه الجمعوي يشكل استهدافا لـ”نادي قضاة المغرب” وتضييقا على ممارسته لأنشطته بكل حرية وفق ما يكفله الفصل 12 من الدستور، كما أنه ردُّ فعل على مواقف هذا الأخير من الدفاع عن “الأمن المهني” للقضاة.
وطالب نادي قضاة المغرب إدارة المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى استحضار توجيهات الملك محمد السادس، رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، المعبر عنها في رسالته الملكية الموجهة إلى المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ فاتح مارس 2002، التي جاء فيها: “إن على المجلس أن ينأى بنفسه وبصفة نهائية عن كل النزعات الفئوية المهنية والانتخابوية الضيقة والممارسات المنحازة حتى يحقق لذاته الاستقلال اللازم، ويدرك بنفسه ويرسخ الوعي لدى الغير بأن الاستقلال هو الشرط الملازم للمسؤولية، جاعلا مصلحة الأمة فوق كل اعتبار”.
وختم النادي بلاغه بتجديد دعوته للمجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل فتح قنوات التواصل والحوار لمناقشة قضايا “الأمن المهني”، وتوسيع دائرة التعاون والتشارك بخصوصها عن طريق إبداء مقترحات بناءة كفيلة بتعزيزه ورفع منسوب الشعور به لدى عموم القضاة، فضلا عن قضايا أخرى ذات الارتباط بدعم نزاهة واستقلال القضاء، بدلا من التضييق على ممارسة الحق في العمل الجمعوي.