ماذا بعد انتخابات 8 شتنبر.. هل يفي أخنوش بوعوده الانتخابية
بعد انتخابات تشريعية وجماعية وجهوية مثيرة عرفتها المملكة خلال 8 شتنبر الماضي، والتي أسفرت عن ترؤس حزب “التجمع الوطني للأحرار” للحكومة المغربية، إثر فوزه بالمرتبة الأولى، وقيادته لتحالف ثلاثي جمعه مع الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال.
ومع قيادة ” التجمع الوطني للأحرار” كأول حزب إدراي في تاريخ المغرب (يقود) الحكومة التي تم تشكيلها في زمن قياسي بعد مفاوضات لم تستغرق طويلا، فإن تساؤلات عدة تُطرح حول ملامح المشهد السياسي المقبل، ومدى قدرة حزب الحمامة على تحمل أعباء المرحلة، وكذ الوفاء بالوعود التي قطعها مع المغاربة خلال حملته الانتخابية.
- المستقبل مجهول.
وبالرغم من أن النتائج التي أفرزتها انتخابات 8 شتنبر، والتي منحت تحالفا حكوميا متناسقا نوعا ما من حيث الرؤية الاقتصادية والاجتماعية، بصيغة ليبرالية وبعيدا عن التقاطبات والتجاذبات الحدية، التي تعرقل سير العمل الحكومي والتشريع، فإن ذلك لا يكفي بحسب عدد من المراقبين، خاصة امام الطلب المتزايد لدى المغاربة، وأمام تحدي كوفيد الذي كشف النقاب عن المستور وفضح الهشاشة المستشرية لدى عدد من الأوساط المغربية، ما يجعل إمكانية استشراف المرحلة السياسية المقبلة في المغرب مستحيلة وعصية عن الإمساك، وفي أحسن الأحول مرحلة متسمة بالغموض والضبابية في ظل تصدر حزب “التجمع الوطني للأحرار” المشهد السياسي للمرة الأولى، وصعود حزب قادم من صف المعارضة غير مجرب في مجال تدبير السياسات العامة على مستوى الحكومة.
بالإضافة إ‘لى أن هذا الغموض يعود بالأساس، إلى طبيعة هذا “الأحرار” الذي يوصف منذ تأسيسه في سبعينيات القرن الماضي بأنه واحد من “الأحزاب الإدارية”، التي صنعت على المقاس ومن اجل تأثيث الفضاء السياسي بما يخدم التوازنات التي يضع هندسات صناع القرار خاصة في زمن التأسيس والنشأة، ويؤكد الكثير من المختصين أن تلك الأحزاب اصطنعتها الدولة منذ استقلال المغرب، لتجعل منها خزانا تستودع فيه بعض الكوادر والكفاءات غير المنتمية سياسيا، بهدف تسخيرها لخدمة توجهات الدولة وإحداث توازن مصطنع مع الأحزاب التي أفرزها المجتمع المغربي بشكل طبيعي، حيث تلم الكثير من التحليلات أن هاته الأحزاب مجرد رقم تستكمل به الأغلبية الحكومية وتستودع فيه الكفاءات الجديدة غير المنتمية، والتي يتم تعيينها ضمن الحكومات وتكون في حاجة لحمل هوية حزبية ما”.
-ويرى الشارع المغربي أن هذا الغموض أصبح مضاعفا أمام الزواج الذي ظل دائما منبوذا وغير محبذ هو زواج “المال والسلطة”، لدرجة وصفه من طرف الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي بـ”التغول” حيث ومنذ وصول عزيز أخنوش إلى رئاسة الحزب، والذي “يجسد شخصية التكنوقراطي ورجل الأعمال الذي تتقاطع فيه المصالح الشخصية وأعماله التجارية الكبيرة داخل السوق المغربي، وسلطاته السياسية كوزير يتقلد مسؤولية قطاع الفلاحة منذ قرابة 15 عاما”، تم التساؤل عن هذه العلاقة غير الشرعية او غير المرحب بها من طرف الفرقاء السياسيين بمختلف التوجهات والحساسيات
-كل هذا وذاك يطرح، بحسب مختصين، في المجال السياسي، علامات استفهام كبيرة حول معنى ودلالات وجود هذا الحزب في صدارة المشهد الحزبي، الذي وإن كان يعلن نفسه حاملا لأفكار ليبرالية، إلا أنه لم يثبت يوما قدرته على العمل بالحرية “كمفهوم” يختزل شعار الحزب، ويجعل متحررا من التحرك “بآلة التحكم عن بعد” وخارج القوالب التقنية والتنفيذية المباشرة، المسطرة له سلفا، و بعيدا عن أي إطار فكري إيديولوجي صرف يستند عليها في قراراتها ويمتح منها مشروعيته أو تطلع معين إلى المستقبل.
- حزب قوي وضعيف في نفس الوقت.
وعلى الرغم من صعوبة التنبؤ بمعالم مشهد قيادة “الأحرار” للحكومة، فإن وجود نقاط قوة من جهة، ونقاط ضعف لدى الحزب من جهة أخرى، قد تساعد على فهم مشهد قيادة الحزب لدفة الحكومة.
ويتفق على العديد من المتتبعين للمشهد السياسي ، أن حزب الأحرار “سيشتغل في ظل انسجام حكومي، على عكس ما كما كان عليه الوضع في السابق من عملية شد الحبل بينه وبين حزب العدالة والتنمية في الائتلاف الحكومي، الأمر الذي سيسهل من مهمته في رئاسة الحكومة”، وفي نفس السياق يرى البعض الآخر، أن “الأحرار” سيقود الحكومة “في ظل توافق مع السلطة”، مؤكداً أن كل شروط العمل متوافرة للحزب من ناحية علاقته مع السلطات والانسجام الحكومي، وهي أمور افتقدتها تجربة العدالة والتنمية خلال الولايتين السابقتين”.
-ونعتبر أن نقاط قوة الحزب تكمن في الكفاءات التقنية لأعضائه، “خصوصاً في المجالات الاقتصادية، والتي تسمح له بضمان تنفيذ جيّد للخطط والمشاريع”.
-ويلفت إلى أن الحزب “يتمتع بجاذبية كبيرة لجزء من رجال الأعمال والمستثمرين، والذين قد يرون فيه مظلة مفيدة لأعمالهم وقناة فعالة للتواصل مع السلطات”.
أما عن نقاط الضعف، فنلخصها في افتقار الحزب إلى الامتداد اللازم داخل المجتمع، إذ لم يسبق لهذا الحزب أن توفر على نقابات قريبة منه سياسيا، كما هو حال بعض الأحزاب، ولا كانت له منظمة شبابية نشيطة، ولا قطاع نسائي أو منظمات مهنية نشيطة وحاضرة في المجتمع”.
وبذلك، يبقى من المحتمل بناء على ذلك أن يجد الحزب صعوبة كبيرة في مواجهة أي تحرك في الشارع أو غضب اجتماعي .
-وعود انتخابية صعبة التحقيق .
-ويزيد من تعقيد مهمة “الأحرار” في رئاسة الحكمة، بحسب مراقبين، حجم الوعود الانتخابية التي أطلقها الحزب خلال حملته الانتخابية، والتي ربما تجعل من المرهق أو من المتعذر على أي حكومة في ظل الوضعية الحالية الوفاء بها.
-ومن وجهة نظري تلك الوعود لن يكون حزب “الأحرار” قادرا على الوفاء بها خلال المرحلة المقبلة، إذ إن “المرحلة الحالية، خصوصا على مستوى الأزمة الاقتصادية، تجعل تلك الوعود الانتخابية التي أطلقها الأحرار صعبة التطبيق، خاصة تلك المتعلقة برفع الأجور، والتشغيل، وإلغاء بعض أنماط التوظيف”.
- مهمة شبه مستحيلة .
-بعض المؤشرات والعوامل تنبئ بمهمة شبه مستحيلة لحزب “الأحرار” خلال الولاية البرلمانية المقبلة، “ولعل الأزمة الاقتصادية التي يشهدها المغرب تبقى أبرز الصعوبات التي ستواجه عمل الحكومة الجديدة”، و تضع هاته العوامل أي حكومة “أمام صعوبات كبيرة، بصرف النظر، قوية أو ضعيفة، فكيف الحال بحكومة من دون قواعد اجتماعية”.
ويبقى كل هذا حديث وتحليل لواقع السياسية بعد انتخابات 8 شتنبر في انتظار ما ستسفر عنه 5 سنوات المقبلة، من دون أن ننسى الكثير من الأحزاب والمصوّتين، وحتى المقاطعين، سيضعون الحكومة المقبلة تحت الرقابة، ولن يغفروا لها أي تقصير ولو كان بسيطا”، وستكون عينهم على المشروع الانتخابي والوعود التي أطلقها الحزب خلال حملته الانتخابية والتي شكلت حدثا سياسيا في جل مراحله.